قصيدة حبيبتي والظلم
ألا يا روح قيسٍ ها أنا أبكي على ليلى كما أنتِ تبكينها و ترثينها ، فكلٌ يبكي على ليلاه ، ألا يا قلب قيسٍ ها أنا أغني على ليلى كما أنت تغنيها و تنشدها ، فكلٌ يغني على ليلاه ، و قد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا . و حسبي أن أذكر كلماتك فأذكرُ محبوبتي ، و كم من فتاةٍ تمنت لو أن في الزمن الحالي كقيسٍ بالهوى ، و منحها الله قيساً فقتلته قتلاً مُخزيا ، و حالها بذاك كحال من يندبُ صلاح الدين في أن يقوم من الرقاد إلى المسجد الأقصى ، فإذا ما استفاق صلاحٌ كان هو أولُ الطاعنين في قلبهِ خنجراً .
بأي الحروف أتوسلُ لكِ ؟ ، و بأي النغماتِ أغني لكِ ؟ ، ناشدتكِ أن تعودي لي فما أثمر الإنشادُ عن شيء ، و يبدو أنكِ تخشين مواجهتي ، و لا أطلبُ منكِ مواجهة و إن كانت دموعي تطلبُ منكِ سبباً مقنعاً لذاك الرحيل و ذاك القرار الحزين ، إلا أني سأعاندُ قلبي هذه المرة أيضاً لأقول لكِ عودي فقط لأودعكِ ، لأهمس في أذنكِ آخر حروفٍ و كلمات ، و أبكي على يدكِ بكاء الثاكلين ، فأنا أبكي بالقلب لأن الحب يموتُ وفياً و القلبُ تموتُ أمانيه ، و أبكي بالقلب لأني لن أأمل أبداً فالقلبُ تموتُ أغانيه ، و يختفي أحلى ما فيه ، فأين يدي السعيدةُ التي ما مرت على طفلةٍ إلا و مسحت رأسها ؟ ، أين قدمي التي تمضي مرحاً و فرحا ؟ ، أين بصري الذي يسعدُ إن بعيناهُ لاحت فراشة ؟ ، أين أذني التي تطربُ لسماع تغريد الطيور و إنشاد البلابل فوق أغصان الأشجار ؟ ، أين أنا ؟ ، و إن لم يستسغ اللغويون قولي .. أينني ؟ .. أينني ؟ .. أينني ؟
أتذكرين ، يوم قلتُ لكِ أني أخشى أن تضعيني في كفة ميزانٍ و تضعين ذاك الفتى الذي خطبكِ في كفة ميزان ، فتثقل كفته و تخفُ كفتي ، فقلتِ لي دعك من هذا الكلام ، و ها أنا أدعهُ اليوم لكِ لتتفكري فيه ، و صدقيني لقد أُخسر الميزانُ و الوازنُ أعور .، فأنا بحبي لكِ أثقلُ من ما حملت الأرض من جبالٍ و أراضين .
أتخيلكِ تستعدين للعرسِ و تعرضين الفستان لأقرانكِ و أصحابك فتترقرقُ من عيناي دمعة ، و يمضي بي خيالي إلى يوم عرسكِ فأراهُ يتقدمُ ليضع في إصبعكِ الخاتم و أنتِ تنكسين رأسكِ خجلاً ، فأتخيلُ الموقفُ و كأنه ماثلٌ أمامي فأقول أتخجلين منه و ما تخجلين من فعلتكِ يوم ما رحمتني و ما رحمتِ دموعي ، و يمضي بي خيالي إلى أقبح من ذلك فأراكِ تقولين لهُ أنكِ ما أحببتِ أحداً سواه فيجنُ جنوني و يطيرُ طائر عقلي ، و أحومُ في الغرفة كحال الطير المكسورِ جناحه ، و ينتهي الحال بي في سقوطي على الأرض أضرب رأسي عرض الأرض و أبكي بكاءً خشناً .
إنكِ حتى لم تعطيني الخبر الأكيد في زواجك ، فتعالي و أخبريني عن صحة الخبر هذا فلعلني أأمل في أن تعودي لي في الغد و أنها مجردُ أفكارٍ حطت على عقلكِ محط الغربان فوق أكوام الخراب ؛ عودي يا حوراء و أخبريني بصدقٍ و صراحة ماذا جرى ؟ ، عودي و اكتبِ لي من قلبك ؛ اعتمدِ القلب فالقلبُ يعرف مهما الرياح الدنيئةُ سيئةٌ عاتية ؛ عودي و ودعيني وداعاً حقيقيا ، و لا تودعيني بوداعٍ جاف كجفاف غيابك ؛ أخبريني ماذا حل و ما الذي حال بينكِ و بين الوفاء بعهدٍ ختمتهِ لي ؟ .
حبيبتي … أقولها كما تعودتُ أن أقولها لأنكِ مازلتِ حبيبتي ، و رغم ما فعلتيه و ما زلتِ تفعلينه إلا أني أحبكِ ، رغم تلك الأكاذيب و الألاعيب ؛ أحبكِ لأنكِ طيبةٌ رغم كل ما فعلتيه ، أحبكِ لأنكِ جميلةٌ حسناء يشتهيها خاطري ؛ أحبكِ لأنكِ تاجٌ وضعتهُ فوق هامتي ؛ أحبكِ لأنكِ دوحةُ سعادتي ؛ أحبكِ لأنكِ أملُ حياتي ؛ أحبكِ لأنكِ مرسى أحلامي و أمنياتي ؛ أحبكِ لأنكِ عمري الفائتُ و الآتي ، أحبكِ لأني أحبكِ ، أهناك منطقٌ أجمل من أن يحب الإنسانُ إنسانا لأنهُ يُحبه ! ، فلماذا لا تحبيني لأنكِ تحبيني ؟ .
أدري أنكِ لا تملكين أجوبة لكل تلك التساؤلات التي نثرتها أمامكِ ، أدري أنه لا منطق عندكِ يقنعكِ بما فعلتهِ قبل أن يُقنعني ، و لو أنكِ تملكين لأتيتِ و واجهتني ، و رغم أني لن أقتنع حتى لو تجمع فلاسفة العالم أجمع إلا أني أودُ أن أتحدث معكِ ؟! ، أتدرين لماذا ؟ لا أدري إن كنتِ ستفهمين ما أقول أم لا إلا أني أودُ ذلك لأني أحبك ، و لا شيء أجملُ عندي من ساعةٍ أقضيها معكِ أحدثكِ فيما بما مَر من مرٍ في حياتي و أحدثكِ عن نفسي و كأني أشعرُ أني أحدثُ نفسي فلا أبالي أنطق القلبُ بما يجب أن يقوله أو بما لا يجب ، و أعرضُ لكِ خطايا قلبي و خطوات حياتي خطوة خطوة غير مبالٍ لشيء لأني ما حدثتُ إلا نفسي التي ترضى بحسناتي و سيئاتي .
تقولين أن سبب الفراق هو صراعٌ بين عقلك و قلبك ، و أقول لكِ لا تصدقي يا حبيتي ما يقولهُ الناسُ حولكِ ، و كذبي عقلكِ لو مرة و صدقي قلبكِ لو مرة ، و اتبعِ ما يُشيرُ له ، و هل يُشيرُ القلبُ إلا للحب ؟! ، إلا إن لم تُحبيني .
إن قلباً لا تُشيرُ بوصلتهُ للحب هو قلبٌ مشبوه ، و ما أكثرها تلك القلوب .
و ما زالت الدموع تتساقطُ فوق الخدِ قطراتٍ قطرات ، و لا أدري أيسيلُ من خدكِ مثيل ما يسيلُ من خدي من عبرات ، و لستُ أتمنى أبداً أن أراكِ باكيةً حبيبتي و لكن دموعكِ اليوم تعطيني أمل ، لأنها تُشعرني أنكِ تنوين الرجوع ، أرأيتِ من قبلُ دمعاً يُعطي أمل ؟ ، و ما أقبح في نظري اليوم أن أرى في ثغركِ إبتسامة لأنها تقتلُ أملي ، أرأيتِ من قبل ابتسامةً تقتلُ أمل ؟
لستُ أتمنى دموعكِ اليوم إلا لأني أعهدُ لكِ أن أمسح كل دموع مستقبلكِ إن كان معي ، و لستُ أتمنى أن لا تبتسمي اليوم إلا لأني أنوي أن أجعلكِ أسعد إنسان إن مسحتِ توجعي ؛ و ربما أنا اليوم أهذي و أبكي على لبنٍ مسكوب ، و هل يسكرُ المرءُ من لبن ؟ . أسكرني الأملُ فيكِ حبيبتي و ما جرعتُ من الخمر قطرة إنما خيالاتُ الحزن أسكرتني ؛ يقولون لا تبكي على اللبن المسكوب ، و لكن ماذا لو كان هذا اللبنُ اكسجين رئتينا و دم قلبنا ، و بدونهِ لا نحيى و لا نتمنى ؛ فما أنا برحيلكِ إن ما جاء إلا باكيٌ باكي … يا لبني و يا نبيذي ، يا خمرتي و حبيبتي .
لا تقولي لي الأقدارُ شاءت هكذا ، وأنا أرى الأمر متمثلٌ في يدكِ اخترتهِ عن طوعٍ و رضى كما اخترتِ حبي عن طوعٍ و رضى ، فإن كان الفراقُ قدراً فالحبُ قدرٌ أيضاً ، أم أنكِ تجعلين ما تشاءين قدراً و تلغين ما تشاءين من لائحة الأقدار ؟ .
أسألُ نفسي كثيراً … لم تركتني ؟ و لا أجدُ مقنعاً و لا منطقا ، فأبقى في نار حيرتي كالورقة المحترقة ، لا شأن لها إلا الحشرجة و البكاء ، و غداً يحولُ حالي إلى رماد ، فما أقبح طعم البُعاد .
هل رأيتني أصغرُ شأناً من أن أكون لكِ الحبيب ؟ ، هل رأيتني شيطاناً و ما أنا بشيطان ، و صدقيني لو كنتُ كذلك فما أنا بحبكِ إلا مبيضٌ تحولُ نفسي إلى ملاك ، أما إن كان العيبُ هو أني ملاك ، و أن الخطيئة الوحيدة التي ارتكتبتها هو أني أهديتكِ حباً طاهراً شريفا ، و سلمتكِ نفسي طيبةً عفيفة ، فما أنتِ إلا الشيطان فلا يكرهُ الملائكةُ إلا الشياطين … و ما أحسبكِ كذلك قط .
ما همني ماضيكِ و ما فات من عهدي بكِ ! ؛ فأنا أعلمُ أن جميع البشر مرت عليهم لحظاتٌ كذبوا فيها ، و من قال غير ذلك فقد كذب ، و جميعهم ارتكبوا ذنوباً في حياتهم ، و من قال خلاف ذلك فقد أذنب ، و ما أنا بملاكٍ و لا بفتاً مثالي ، إنما قلبي أحب الخير و إن عجز عن فعله ، و عشق الصدق و إن خانهُ لسانهُ في ما ندر ، و وقعتُ في غرام الطيبة و إن قسى قلبي ساعات ؛ و لهذا حينما أحببتكِ لم أصر أبداً أن تحكي لي ماضيكِ … ليس لأن الحب أعمى أو لأني ضعيفُ بصر و قليلُ نظر ، و لكني مسحتُ ذنوبكِ الماضية من قائمة أفكاري ، لأن حياتنا منذو ولادة الحب قد بدأت ، و خوفي أن تختميها بخيانة ؟ ، أخاف عليكِ ذنبها حبيبتي ، لأني لا أريدكِ أن تُسجلي هذا الذنب في صفحة الحب الممسوحة …لا أريدكِ أن تسجليه في كتاب حياتنا الجديدة ، أريدكِ ملاكي … لا شيطانتي … و ركزي أن في الاثنتان ياءُ ملكية .
أدري أنهُ ليس في يدي شيءٌ أفعله لتعودي ، ليس عندي غيرُ رسائلٍ أخطها لكِ بلون الدم ، و ربما لتجعليني أصمت قد تعودي لتقولي لي : نعم أخونكُ… أخونك … و لكن انتهى الأمر ، و لكن لا … لا والله لا … لن يهنأ لكِ جفنٌ و قد أسهرتني الليل على حبكِ و قلبتني على جمر الفراق ليالٍ طوال ؛ و خوفي أن يأخذ الله بذنبكِ في حقي حينما تأخذني ليالي الدموع هذه إلى الغضب ، فأدعو عليكِ يا حبيبتي دعاءً يستجيبُ بهِ الله ، و دعوةُ المظلوم مستجابة .
أهكذا يا حبيبتي تكونُ قد انتهت الأمور ، و قرر عقلكِ على قلبي غياب السرور ؛ أحقاً تمت الخطبة و تم الزواج ؟! و أنا لا أحدثكِ إلا كما يحدثُ المغتربُ وطنهُ الضائع ، أو كما لو أنني ملكٌ انزاح عن عرشه فوقف يناجي قصره و يتذكرُ أيام خواليه ، أو كأنما أنا في رسائلي التي أخطها لكِ لا أكتبُ إلا فوق صفحة البحر ، و في ندائاتي لا أصرخُ إلا في فضاء ، فلا هواءٌ ينقل صوتي و لا من مفيدٍ في ندائي! ؛ أحقاً أنا أأمل في ما يستحيلُ تحققه ، و أطمح في ما لا أمل في نيله ، و أعهدُ من وردةٍ داستها الأقدام بتفتح ، و أترقبُ من بلبلٍ مات ليعود و يصدح ، و أنتظرُ الشروق من الغرب ، و أترقبُ الوحدة من العُرب ؛ أحقاً انتهى كل شيءٍ و انتهيت ، و أنتِ تزوجتِ فرحاً و أنا بكيت ؟!.
أرجوكِ أنا لا أطلبُ منكِ شيئاً غير أن تأتي لتودعيني ، فأرجوكِ أجيبي على تساؤلاتي و قولي لي أن كل شيءٍ انتهى ، جاوبيني و لو مرة بوضوح و أخبريني أنهُ حان الوداع و لا من مفيدٍ في بقايا هذا الأمل المتبقي في قلبي لعودتك ، و أن الأمور حسمت و الخبر صحيحٌ صحيح ؛ إنكِ حتى بخلتِ علي كلمة حبيبي ، و إن لم تكوني حتى من نصيبي ؛ فهل تخجلين من قولها و ما خجلتِ من قولكِ أن لا حب بعد اليوم ، و عجباً أن يُقال لإمرءٍ لا تبكي على مبكي ، و لا تسل دمعك على حبٍ اتخذتهُ أملا ، فما الذي هو أولى من أن نبكي عليه غير آمالنا و أمانينا .
ربما لم ينتصر القلبُ في المعركة لأن قلبكِ ضعيف ، و ربما ما لم أعلمه هو أنكِ تحبين نفسكِ أكثر من أي شيءٍ آخر ، و بنسبة لي انتصار العقل على القلب هو لأن صاحبهُ يفضلُ نفسه و يختار مصالحه فقط ، أما القلب فهو ليس بأناني و لا يقبلُ إلا الحب .
حبيبتي و الحروف دموعٌ تتصادم في صفحتي … حبيبتي و الخدُ المتورمُ يكتبُ انشودة محبتي … حبيبتي و الظلمُ أن لا أكون حبيبكِ …
اتمنى ان تنال اعجابكم
منقوووووووول
ألا يا روح قيسٍ ها أنا أبكي على ليلى كما أنتِ تبكينها و ترثينها ، فكلٌ يبكي على ليلاه ، ألا يا قلب قيسٍ ها أنا أغني على ليلى كما أنت تغنيها و تنشدها ، فكلٌ يغني على ليلاه ، و قد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا . و حسبي أن أذكر كلماتك فأذكرُ محبوبتي ، و كم من فتاةٍ تمنت لو أن في الزمن الحالي كقيسٍ بالهوى ، و منحها الله قيساً فقتلته قتلاً مُخزيا ، و حالها بذاك كحال من يندبُ صلاح الدين في أن يقوم من الرقاد إلى المسجد الأقصى ، فإذا ما استفاق صلاحٌ كان هو أولُ الطاعنين في قلبهِ خنجراً .
بأي الحروف أتوسلُ لكِ ؟ ، و بأي النغماتِ أغني لكِ ؟ ، ناشدتكِ أن تعودي لي فما أثمر الإنشادُ عن شيء ، و يبدو أنكِ تخشين مواجهتي ، و لا أطلبُ منكِ مواجهة و إن كانت دموعي تطلبُ منكِ سبباً مقنعاً لذاك الرحيل و ذاك القرار الحزين ، إلا أني سأعاندُ قلبي هذه المرة أيضاً لأقول لكِ عودي فقط لأودعكِ ، لأهمس في أذنكِ آخر حروفٍ و كلمات ، و أبكي على يدكِ بكاء الثاكلين ، فأنا أبكي بالقلب لأن الحب يموتُ وفياً و القلبُ تموتُ أمانيه ، و أبكي بالقلب لأني لن أأمل أبداً فالقلبُ تموتُ أغانيه ، و يختفي أحلى ما فيه ، فأين يدي السعيدةُ التي ما مرت على طفلةٍ إلا و مسحت رأسها ؟ ، أين قدمي التي تمضي مرحاً و فرحا ؟ ، أين بصري الذي يسعدُ إن بعيناهُ لاحت فراشة ؟ ، أين أذني التي تطربُ لسماع تغريد الطيور و إنشاد البلابل فوق أغصان الأشجار ؟ ، أين أنا ؟ ، و إن لم يستسغ اللغويون قولي .. أينني ؟ .. أينني ؟ .. أينني ؟
أتذكرين ، يوم قلتُ لكِ أني أخشى أن تضعيني في كفة ميزانٍ و تضعين ذاك الفتى الذي خطبكِ في كفة ميزان ، فتثقل كفته و تخفُ كفتي ، فقلتِ لي دعك من هذا الكلام ، و ها أنا أدعهُ اليوم لكِ لتتفكري فيه ، و صدقيني لقد أُخسر الميزانُ و الوازنُ أعور .، فأنا بحبي لكِ أثقلُ من ما حملت الأرض من جبالٍ و أراضين .
أتخيلكِ تستعدين للعرسِ و تعرضين الفستان لأقرانكِ و أصحابك فتترقرقُ من عيناي دمعة ، و يمضي بي خيالي إلى يوم عرسكِ فأراهُ يتقدمُ ليضع في إصبعكِ الخاتم و أنتِ تنكسين رأسكِ خجلاً ، فأتخيلُ الموقفُ و كأنه ماثلٌ أمامي فأقول أتخجلين منه و ما تخجلين من فعلتكِ يوم ما رحمتني و ما رحمتِ دموعي ، و يمضي بي خيالي إلى أقبح من ذلك فأراكِ تقولين لهُ أنكِ ما أحببتِ أحداً سواه فيجنُ جنوني و يطيرُ طائر عقلي ، و أحومُ في الغرفة كحال الطير المكسورِ جناحه ، و ينتهي الحال بي في سقوطي على الأرض أضرب رأسي عرض الأرض و أبكي بكاءً خشناً .
إنكِ حتى لم تعطيني الخبر الأكيد في زواجك ، فتعالي و أخبريني عن صحة الخبر هذا فلعلني أأمل في أن تعودي لي في الغد و أنها مجردُ أفكارٍ حطت على عقلكِ محط الغربان فوق أكوام الخراب ؛ عودي يا حوراء و أخبريني بصدقٍ و صراحة ماذا جرى ؟ ، عودي و اكتبِ لي من قلبك ؛ اعتمدِ القلب فالقلبُ يعرف مهما الرياح الدنيئةُ سيئةٌ عاتية ؛ عودي و ودعيني وداعاً حقيقيا ، و لا تودعيني بوداعٍ جاف كجفاف غيابك ؛ أخبريني ماذا حل و ما الذي حال بينكِ و بين الوفاء بعهدٍ ختمتهِ لي ؟ .
حبيبتي … أقولها كما تعودتُ أن أقولها لأنكِ مازلتِ حبيبتي ، و رغم ما فعلتيه و ما زلتِ تفعلينه إلا أني أحبكِ ، رغم تلك الأكاذيب و الألاعيب ؛ أحبكِ لأنكِ طيبةٌ رغم كل ما فعلتيه ، أحبكِ لأنكِ جميلةٌ حسناء يشتهيها خاطري ؛ أحبكِ لأنكِ تاجٌ وضعتهُ فوق هامتي ؛ أحبكِ لأنكِ دوحةُ سعادتي ؛ أحبكِ لأنكِ أملُ حياتي ؛ أحبكِ لأنكِ مرسى أحلامي و أمنياتي ؛ أحبكِ لأنكِ عمري الفائتُ و الآتي ، أحبكِ لأني أحبكِ ، أهناك منطقٌ أجمل من أن يحب الإنسانُ إنسانا لأنهُ يُحبه ! ، فلماذا لا تحبيني لأنكِ تحبيني ؟ .
أدري أنكِ لا تملكين أجوبة لكل تلك التساؤلات التي نثرتها أمامكِ ، أدري أنه لا منطق عندكِ يقنعكِ بما فعلتهِ قبل أن يُقنعني ، و لو أنكِ تملكين لأتيتِ و واجهتني ، و رغم أني لن أقتنع حتى لو تجمع فلاسفة العالم أجمع إلا أني أودُ أن أتحدث معكِ ؟! ، أتدرين لماذا ؟ لا أدري إن كنتِ ستفهمين ما أقول أم لا إلا أني أودُ ذلك لأني أحبك ، و لا شيء أجملُ عندي من ساعةٍ أقضيها معكِ أحدثكِ فيما بما مَر من مرٍ في حياتي و أحدثكِ عن نفسي و كأني أشعرُ أني أحدثُ نفسي فلا أبالي أنطق القلبُ بما يجب أن يقوله أو بما لا يجب ، و أعرضُ لكِ خطايا قلبي و خطوات حياتي خطوة خطوة غير مبالٍ لشيء لأني ما حدثتُ إلا نفسي التي ترضى بحسناتي و سيئاتي .
تقولين أن سبب الفراق هو صراعٌ بين عقلك و قلبك ، و أقول لكِ لا تصدقي يا حبيتي ما يقولهُ الناسُ حولكِ ، و كذبي عقلكِ لو مرة و صدقي قلبكِ لو مرة ، و اتبعِ ما يُشيرُ له ، و هل يُشيرُ القلبُ إلا للحب ؟! ، إلا إن لم تُحبيني .
إن قلباً لا تُشيرُ بوصلتهُ للحب هو قلبٌ مشبوه ، و ما أكثرها تلك القلوب .
و ما زالت الدموع تتساقطُ فوق الخدِ قطراتٍ قطرات ، و لا أدري أيسيلُ من خدكِ مثيل ما يسيلُ من خدي من عبرات ، و لستُ أتمنى أبداً أن أراكِ باكيةً حبيبتي و لكن دموعكِ اليوم تعطيني أمل ، لأنها تُشعرني أنكِ تنوين الرجوع ، أرأيتِ من قبلُ دمعاً يُعطي أمل ؟ ، و ما أقبح في نظري اليوم أن أرى في ثغركِ إبتسامة لأنها تقتلُ أملي ، أرأيتِ من قبل ابتسامةً تقتلُ أمل ؟
لستُ أتمنى دموعكِ اليوم إلا لأني أعهدُ لكِ أن أمسح كل دموع مستقبلكِ إن كان معي ، و لستُ أتمنى أن لا تبتسمي اليوم إلا لأني أنوي أن أجعلكِ أسعد إنسان إن مسحتِ توجعي ؛ و ربما أنا اليوم أهذي و أبكي على لبنٍ مسكوب ، و هل يسكرُ المرءُ من لبن ؟ . أسكرني الأملُ فيكِ حبيبتي و ما جرعتُ من الخمر قطرة إنما خيالاتُ الحزن أسكرتني ؛ يقولون لا تبكي على اللبن المسكوب ، و لكن ماذا لو كان هذا اللبنُ اكسجين رئتينا و دم قلبنا ، و بدونهِ لا نحيى و لا نتمنى ؛ فما أنا برحيلكِ إن ما جاء إلا باكيٌ باكي … يا لبني و يا نبيذي ، يا خمرتي و حبيبتي .
لا تقولي لي الأقدارُ شاءت هكذا ، وأنا أرى الأمر متمثلٌ في يدكِ اخترتهِ عن طوعٍ و رضى كما اخترتِ حبي عن طوعٍ و رضى ، فإن كان الفراقُ قدراً فالحبُ قدرٌ أيضاً ، أم أنكِ تجعلين ما تشاءين قدراً و تلغين ما تشاءين من لائحة الأقدار ؟ .
أسألُ نفسي كثيراً … لم تركتني ؟ و لا أجدُ مقنعاً و لا منطقا ، فأبقى في نار حيرتي كالورقة المحترقة ، لا شأن لها إلا الحشرجة و البكاء ، و غداً يحولُ حالي إلى رماد ، فما أقبح طعم البُعاد .
هل رأيتني أصغرُ شأناً من أن أكون لكِ الحبيب ؟ ، هل رأيتني شيطاناً و ما أنا بشيطان ، و صدقيني لو كنتُ كذلك فما أنا بحبكِ إلا مبيضٌ تحولُ نفسي إلى ملاك ، أما إن كان العيبُ هو أني ملاك ، و أن الخطيئة الوحيدة التي ارتكتبتها هو أني أهديتكِ حباً طاهراً شريفا ، و سلمتكِ نفسي طيبةً عفيفة ، فما أنتِ إلا الشيطان فلا يكرهُ الملائكةُ إلا الشياطين … و ما أحسبكِ كذلك قط .
ما همني ماضيكِ و ما فات من عهدي بكِ ! ؛ فأنا أعلمُ أن جميع البشر مرت عليهم لحظاتٌ كذبوا فيها ، و من قال غير ذلك فقد كذب ، و جميعهم ارتكبوا ذنوباً في حياتهم ، و من قال خلاف ذلك فقد أذنب ، و ما أنا بملاكٍ و لا بفتاً مثالي ، إنما قلبي أحب الخير و إن عجز عن فعله ، و عشق الصدق و إن خانهُ لسانهُ في ما ندر ، و وقعتُ في غرام الطيبة و إن قسى قلبي ساعات ؛ و لهذا حينما أحببتكِ لم أصر أبداً أن تحكي لي ماضيكِ … ليس لأن الحب أعمى أو لأني ضعيفُ بصر و قليلُ نظر ، و لكني مسحتُ ذنوبكِ الماضية من قائمة أفكاري ، لأن حياتنا منذو ولادة الحب قد بدأت ، و خوفي أن تختميها بخيانة ؟ ، أخاف عليكِ ذنبها حبيبتي ، لأني لا أريدكِ أن تُسجلي هذا الذنب في صفحة الحب الممسوحة …لا أريدكِ أن تسجليه في كتاب حياتنا الجديدة ، أريدكِ ملاكي … لا شيطانتي … و ركزي أن في الاثنتان ياءُ ملكية .
أدري أنهُ ليس في يدي شيءٌ أفعله لتعودي ، ليس عندي غيرُ رسائلٍ أخطها لكِ بلون الدم ، و ربما لتجعليني أصمت قد تعودي لتقولي لي : نعم أخونكُ… أخونك … و لكن انتهى الأمر ، و لكن لا … لا والله لا … لن يهنأ لكِ جفنٌ و قد أسهرتني الليل على حبكِ و قلبتني على جمر الفراق ليالٍ طوال ؛ و خوفي أن يأخذ الله بذنبكِ في حقي حينما تأخذني ليالي الدموع هذه إلى الغضب ، فأدعو عليكِ يا حبيبتي دعاءً يستجيبُ بهِ الله ، و دعوةُ المظلوم مستجابة .
أهكذا يا حبيبتي تكونُ قد انتهت الأمور ، و قرر عقلكِ على قلبي غياب السرور ؛ أحقاً تمت الخطبة و تم الزواج ؟! و أنا لا أحدثكِ إلا كما يحدثُ المغتربُ وطنهُ الضائع ، أو كما لو أنني ملكٌ انزاح عن عرشه فوقف يناجي قصره و يتذكرُ أيام خواليه ، أو كأنما أنا في رسائلي التي أخطها لكِ لا أكتبُ إلا فوق صفحة البحر ، و في ندائاتي لا أصرخُ إلا في فضاء ، فلا هواءٌ ينقل صوتي و لا من مفيدٍ في ندائي! ؛ أحقاً أنا أأمل في ما يستحيلُ تحققه ، و أطمح في ما لا أمل في نيله ، و أعهدُ من وردةٍ داستها الأقدام بتفتح ، و أترقبُ من بلبلٍ مات ليعود و يصدح ، و أنتظرُ الشروق من الغرب ، و أترقبُ الوحدة من العُرب ؛ أحقاً انتهى كل شيءٍ و انتهيت ، و أنتِ تزوجتِ فرحاً و أنا بكيت ؟!.
أرجوكِ أنا لا أطلبُ منكِ شيئاً غير أن تأتي لتودعيني ، فأرجوكِ أجيبي على تساؤلاتي و قولي لي أن كل شيءٍ انتهى ، جاوبيني و لو مرة بوضوح و أخبريني أنهُ حان الوداع و لا من مفيدٍ في بقايا هذا الأمل المتبقي في قلبي لعودتك ، و أن الأمور حسمت و الخبر صحيحٌ صحيح ؛ إنكِ حتى بخلتِ علي كلمة حبيبي ، و إن لم تكوني حتى من نصيبي ؛ فهل تخجلين من قولها و ما خجلتِ من قولكِ أن لا حب بعد اليوم ، و عجباً أن يُقال لإمرءٍ لا تبكي على مبكي ، و لا تسل دمعك على حبٍ اتخذتهُ أملا ، فما الذي هو أولى من أن نبكي عليه غير آمالنا و أمانينا .
ربما لم ينتصر القلبُ في المعركة لأن قلبكِ ضعيف ، و ربما ما لم أعلمه هو أنكِ تحبين نفسكِ أكثر من أي شيءٍ آخر ، و بنسبة لي انتصار العقل على القلب هو لأن صاحبهُ يفضلُ نفسه و يختار مصالحه فقط ، أما القلب فهو ليس بأناني و لا يقبلُ إلا الحب .
حبيبتي و الحروف دموعٌ تتصادم في صفحتي … حبيبتي و الخدُ المتورمُ يكتبُ انشودة محبتي … حبيبتي و الظلمُ أن لا أكون حبيبكِ …
اتمنى ان تنال اعجابكم
منقوووووووول